في حياة كل واحدة منا إنسانة تحبها ومتعلقة بها ولا تستطيع أن تتخيل حياتها بدونها ، وفي ذاكرة كل واحدة منا صورة لشخصية التقت بها وأعجبت بها وأحبتها ولا تملك نسيانها ، وفي قلب كل واحدة منا نقش بحروف تفوق الذهب والألماس قيمة لاسم من وجدت فيها الحب والحنان والبئر الأمين للأسرار .
هذه الإنسانة أو هذه الشخصية التي فازت بهذه المساحة من حبنا واهتمامنا قد تكون أماً أو أختاً أو معلمة أو مربية ، ومهما كانت فإنها ستكون بالنسبة لنا قدوتنا وأسوتنا .. منهاجها منهاجنا .. وسلوكها سلوكنا ، ولكن مهما بلغت معارفنا ومهما بلغ عدد محبوباتنا ، فلن تكون هناك أبداً من نحبها ونرتاح بصحبتها كالصديقة المماثلة لنا في عمرنا واهتماماتنا ..
الصديقة .. هي مفتاح النجاح وطوق النجاة ..
الصديقة .. أنشودة أمل وبداية حياة في لحظات اليأس والقنوط ..
الصديقة .. هي الحبيبة القريبة إلى النفس مجلية الهموم والأحزان ..
الصديقة .. ورد تفاؤل تتفتح في أوقات التشاؤم ..
الصديقة بئر أمين لأسرار الرفيقة .. وصدر مفتوح لكل مشكلاتها .. ولكنها لن تكون كذلك أبداً إلا إذا كانت صديقة صدوقة ..
الصديقة الصدوقة .. هي التي تذكَّر صديقتها إذا عصت ، وتنصحها إذا أخطأت ، وتساعدها إذا ابتليت ، وتعينها على الخير والتقى والصلاح ..
الصديقة الصدوقة .. هي التي تعرف صفات صديقتها جيداً ولا تصدق أي كلام يقال عنها حتى تتأكد منه لأن بعض الظن إثم ، وتحترم مشاعرها وتقدر ظروفها ، وتسامحها إذا أخطأت ، وتنسى أمسها إذا تابت ورجعت إلى ربها ، وتتفهمها إذا تركتها لبضعة أيام أو انشغلت عنها ، وتتعاون معها في بناء مستقبل زاهر لكلتيهما ، وتصدق في تعاملها معها ، ولا تغيظها ولا تحقرها أو تكذبها أمام الآخرين حتى لو كانت كاذبة ، وهي التي تستر خطأها وترشدها إلى الطريق الصحيح ، وتستمع إليها وتوجهها وتسدي لها الرأي الحكيم والقول السديد ، وهي التي تتحمل أخطاءها وتعاتبها عليها بلطف حتى لا تجرح مشاعرها ، وتحفظ أسرارها ، وتعينها على تحقيق أحلامها ..
الصديقة الصدوقة .. هي المؤمنة التقية المطيعة لربها ، البارة بوالديها ، المهذبة اللبقة في حديثها المحبوبة بين أهلها ، المحبة للناس أجمعين .
تلك هي الصديقة الصدوقة الحقيقية ، وتلك صفات التي متى ما امتلكها الإنسان صار صالحاً ومحبوباً .. فلنكن جميعاً صديقات صدوقات لرفيقات عمرنا ، مخلصات لهن حتى آخر حياتنا ، وفيات لهن ومفتخرات بصداقتنا معهن ، لأننا بذلك فقط سنكون مجتمعاً صالحاً توطئةً لبناء المدينة الفاضلة .
الصداقة لا تقاس بكم هدية أو كم سنة ظلت معي ، بل كم مرة نصحتني .. وكم مرة وقفت معي وعاونتني ، فكم من فتاتين عاشتا وتربيتا معاً ولكن أي منهما لم تكن للأخرى الصديقة الصدوقة ..
وكم من فتاتين لم تتعارفا إلا منذ زمن قصير ، ولكن صداقتهما أعمق من أن تقاس ويضرب بها المثل .