يعتبر ملح الطعام ضرورة من ضرورات الحياة، حيث يشكل جزءاً من مادة البروتوبلازما الحيوية في خلايا الكائنات الحية، كما أن وجوده لازم بكمية معينة، في جميع السوائل الداخلية الحيوية لاستمرار الحياة، حتى إذا انخفضت الكمية اللازمة للجسم أو أوشكت، جاء الإنذار ينادي بتدارك هذا الخطر لتزويد الجسم بهذا العنصر.
الملح موجود في... الطبيعة بمناجمه الخاصة، لكنه يوجد أيضا في اللحوم والأسماك واللبن والخضراوات وفي الخبز المحتوي على الملح بحسب الطرق المتبعة في صنعه، ويحتاج الإنسان البالغ يوميا إلى حوالي عشر جرامات أو أكثر من ملح الطعام، وهي كمية قد يفقدها الجسم بالإفرازات العرقية خلال ثلاث ساعات أثناء بذل المجهود الشاق وتحت أشعة الشمس، لذلك يجب الانتباه بتزويد الجسم بالكمية اللازمة وتناول كمية إضافية حين التعرض للأعمال المجهدة والطقس الحار.
لتدارك ما يفقده الجسم بسبب هذه الإفرازات المحتوية على مادة الملح، وعلى الرغم من هذا ألا أن الزيادة في نسبة الملح قد تؤدى إلى أضرار صحية كثيرة، غير أن هناك عناصر ضرورية في الأملاح، حيث تعرف الفيتامينات والمعادن على أنها العناصر الغذائية الدقيقة، فعلى الرغم من أن جسم الإنسان يحتاجه بكميات محدودة إذا ما قورنت بكميات البروتينات والدهون والكربوهيدرات، إلا أنها تعد أساسية للتغذية المتوازنة، كونها تحافظ على الجسم وتساعده على أداء وظائفه بطريقة حيوية ونشطة، ويؤدي نقصها إلى مشاكل صحية قصيرة.
وعادة يمنع الأطباء مرضاهم من تناول ملح الطعام لوجود معدن الصوديوم فيه، وما ينطبق على ملح الطعام ينطبق على كل مادة يوجد فيها هذا المعدن مثل ثاني كربونات الصوديوم، وكبريتات الصوديوم المسهل، وساليسيلات الصوديوم.
تعتبر الإضافة المعتادة للملح إلى الطعام كافية لتعويض الملح الذي يفقد عن طريق التعرق، ولكن يجب الانتباه لنوعية الملح الذي يضاف إلى الطعام، فالملح الناعم المكرر الذي يباع في عبوات صغيرة في البقالات ليس هو الخيار الأفضل لأن عمليات تصنيعه تؤثر عليه، حيث يتم تجفيفه بدرجات حرارة تصل 1200 درجة فهرنهايتية، ويتعرض للحرارة أيضاً عند طحنه، وهذه الدرجات العالية من الحرارة تغير من التركيب الكيميائي للملح، وتجعل من الصعب على الجسم تقبله والاستفادة منه، كما يتم تكريره وتبييضه مما يجعله يتألف من كلوريد الصوديوم فقط، ويزيل معظم المعادن الضئيلة المهمة للصحة منه، مما يؤدي إلى كونه مادة كيميائية ميتة، ومحاولة الجسم تمثيل هذه المادة الميتة يؤثر على كثير من العمليات في الجسم مثل توازن السوائل في الجسم وعمليات التخلص من الفضلات، ولزيادة الأمر سوءاً نجد أن عمليات تكرير وتصنيع الملح تضيف إلى الملح عدداً من الإضافات والمواد الكيميائية مثل:
الصوديوم والبوتاسيوم هما من عائلة كيميائية واحدة، وهذا الشبه يجعل كلوريد الصوديوم قريبا جدا في الحجم والشكل والترتيب الكيميائي لكي ينبه البراعم الذوقية المصممة لكلوريد الصوديوم، ولكون كلوريد البوتاسيوم لا يتناسب تماما مع هذا الأمر فهو ليس مالحا كملح الطعام، كما أن له مذاقاً مراً لاحقاً، لا سيما لدى تسخينه.
وبعض البدائل التي أساسها البوتاسيوم هي من الملح الخفيف، وهذه تقوم بالحلول محل نصف ملح المائدة عن طريق كلوريد البوتاسيوم، والأنواع الخالية تماما من الصوديوم تحتوي فقط على كلوريد البوتاسيوم، والبدائل من الملح التي أساسها البوتاسيوم هي سيف ذو حدين، قد يقي من النوبات القلبية وضغط الدم العالي ومشاكل عدم انتظام ضربات القلب، ومشاكل الكلى وحتى مرض ترقق العظام، لكن تناول كميات كبيرة منه قد يشكل خطرا على الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في طرح الزائد منه، أو الذين يتناولون العقاقير الطبية التي قد تزيد من مستويات البوتاسيوم في مجرى الدم.
يقترح خبراء الصحة والتغذية أن بدلاً من تجربة تقليد طعم الملح على المرء أن يحاول تعزيز المذاق بشيء مختلف تماما عن طريق استخدام التوابل والبهارات والأعشاب المطيبة والمطعمات الأخرى التي هي أكثر أمانا ومذاقا وصحة من البدائل الأخرى، وفي هذا السياق تقدم الأعشاب والتوابل عالماً من النكهات المختلفة التي لا يستطيع الملح مجاراتها، وثمة دلائل متزايدة بأن هذه المواد الموجودة في الأعشاب والتوابل من شأنها مكافحة السرطان وأمراض القلب والسكري والأمراض الأخرى المزمنة.
وبالنسبة لمحبي الطبخ والمغامرين في المطبخ فعليهم تجريب إضافة المزيد من الثوم والأوريغانو والفلفل والمريمية والطرخون والكركم والقرفة والأعشاب والتوابل الأخرى، ومن لا يمتلكون هذه العناصر في مطبخهم، فإن هناك خليطاً جاهزاً منها في أغلبية محلات البقالة التي تستطيع القيام بالمهمة على أفضل وجه